لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن غزة تجد ادعاءات ذات مصداقية على ارتكاب إسرائيل و الجماعات المسلحة الفلسطينية جرائم حرب في عام 2014
لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن غزة
22 حزيران/يونيو 2015
للمشاركة
جنيف (22 حزيران/يونيو 2015): جمعت لجنة الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق بشأن النزاع في غزة في عام 2014 معلومات كثيرة تشير إلى ارتكاب كل من إسرائيل والجماعات المسلحة الفلسطينية لجرائم حرب محتملة.
قالت رئيسة اللجنة القاضية ماري ماكغوان ديفيس في مؤتمر صحفي اليوم: "إن مدى الدمار والمعاناة الإنسانية في قطاع غزة غير مسبوقين وسيؤثران على الأجيال القادمة"، و أضافت أن "هناك أيضا خوف مستمر في إسرائيل بين المجتمعات التي تتعرض لتهديد منتظم."
شهدت الأعمال العدائية عام 2014 زيادة كبيرة في القوة التدميرية التي استخدمت في قطاع غزة فقد أطلقت إسرائيل أكثر من 6000 ضربة جوية و حوالي 50000 قذيفة دبابة و مدفعية، و قد قُتِل 1462 مدنياً فلسطينياً – ثلثهم أطفال - في العملية التي استمرت 51 يوماً، و أطلقت الجماعات المسلحة الفلسطينية 4881 صاروخاً و 1753 قذيفة هاون باتجاه إسرائيل في تموز/يوليو و آب/أغسطس 2014 مما أسفر عن مقتل 6 مدنيين وإصابة 1600 على الأقل.
قُتِل مئات المدنيين الفلسطينيين - لا سيما النساء والأطفال - في منازلهم، و لقد أدلى الناجون بشهادات مفصلة تصف الضربات الجوية التي حولت المباني إلى أكوام من التراب و الركام في ثوانٍ معدودة. قال أحد أفراد عائلة النجار بعد هجوم على خان يونس يوم 26 تموز/يوليو قتل 19 من أقربائه: "استيقظت في المستشفى و علمت في وقت لاحق أن أختي و أمي و أطفالي كلهم ماتوا" و أضاف: "كلنا متنا في ذلك اليوم حتى من بقوا على قيد الحياة." فقدت 142 عائلة على الأقل ثلاثة من أفرادها أو أكثر في هجوم على مبنى سكني في صيف 2014 أدى إلى مقتل 742 شخص. حقيقة أن إسرائيل لم تعدل ممارستها للضربات الجوية – حتى بعد ما اتضحت أثارها الوخيمة على المدنيين – تثير التساؤل عما إذا كان هذا جزءاً من سياسة أوسع وافق عليها – ضمنياً على الأقل – أكبر المسئولين في الحكومة.
تعبر لجنة التحقيق عن قلقها إزاء استخدام إسرائيل على نطاق واسع لأسلحة تقتل و تصيب في منطقة كبيرة، و على الرغم من أن هذه الأسلحة ليست ممنوعة قانوناً إلاّ أن استخدامها في مناطق مكتظة بالسكان سيؤدي على الأرجح إلى قتل مقاتلين و مدنيين دون تمييز. و هناك أيضاً على ما يبدو نمط آخر عند اصدار الجيش الإسرائيلي تحذيرات للناس بإخلاء منطقة ما كان يعتبر بصورة تلقائية أن أى شخص باق مقاتلاً، و تجعل هذه الممارسة الهجمات على المدنيين محتملة جداً. قُتِل مئات الأشخاص و دُمِرت آلاف المنازل أو أُتلِفت أثناء التوغل البري الإسرائيلي في غزة الذي بدأ في منتصف شهر تموز/يوليو 2014، وقالت مراكز اتصال الإسعاف أنهم تلقوا نداءات يائسة للمساعدة من الناس في الشجاعية، و قد سمعوا خلالها صراخ أطفال صغار في الخلفية. و قال شاهد عيان في رفح في أوائل آب/أغسطس حيث أطلق الجيش الإسرائيلي عملية كبرى هناك بعد اعتقادهم بأسر أحد جنودهم: "كان هناك انفجار كل عشر ثوانٍ تقريباً"، و قالت القاضية ديفيس: "عندما تكون سلامة أحد الجنود الإسرائيليين في خطر فإنهم على ما يبدو يضربون بكل القوانين عرض الحائط."
أصابت ألأعمال العدائية أيضاً المدنيين في إسرائيل بقلق بالغ و عطلت حياتهم، و تحدث الشهود الذين يسكنون بالقرب من قطاع غزة عن إضطرابهم لرؤيتهم القصف من نوافذ غرفة جلوسهم و لكنهم عانوا أيضا في الوصول إلى ملاجئ الأمان مع أطفالهم في الوقت المناسب عند اطلاق صفارات الإنذار لتحذرهم من الهجمات القادمة. و يبدو أن الغرض من وراء إطلاق آلاف الصواريخ وقذائف الهاون العشوائي على إسرائيل هو نشر الرعب بين المدنيين هناك. وبالإضافة إلى ذلك اكتشف الجيش الإسرائيلي 14 نفقاً تمتد من غزة الى اسرائيل استخدمت للهجوم على جنوده خلال تلك الفترة. و لقد سببت فكرة الأنفاق صدمة نفسية للمدنيين الإسرائيليين الذين خشوا من الهجوم عليهم في أي لحظة من قِبل مسلحين يخرجون من تحت الأرض.
في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية قُتِل 27 فلسطينياً وجُرِح 3020 في الفترة ما بين حزيران/يونيو و آب/أغسطس 2014. و كان عدد القتلى في هذه الشهور الثلاثة مساوياً لعدد القتلى الإجمالي لعام 2013 بأكمله. و تعبر اللجنة عن قلقها إزاء ما يبدو استخدام قوات الأمن الإسرائيلية المتزايد للذخيرة الحية للسيطرة على التجمعات مما يزيد احتمال الوفاة أو الإصابة الخطيرة. يسود الإفلات من العقاب على كل المستويات عن الانتهاكات المزمعة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في كل من الضفة الغربية و قطاع غزة. و يقول المفوضان أنه "على إسرائيل أن تغير سجلها المؤسف في مساءلة المخطئين" و يضيفا أن "المساءلة على الجانب الفلسطيني أيضاً غير كافية بالمرة."
تعبر لجنة التحقيق عن انزعاجها من قرار إسرائيل بغلق تحقيقها الجنائي في قضية قتل أربعة أطفال على الشاطئ في غزة يوم 16 تموز/يوليو 2014، و لا يبدو أن السلطات الإسرائيلية قد استمعت إلى أقوال الصحفيين الدوليين والعديد من شهود العيان الفلسطينيين الأمر الذي يثير تساؤلات حول دقة تحقيقاتها.
قام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتشكيل اللجنة في شهر أيلول/سبتمبر 2014 للتحقيق في كل خروقات القانون الدولي الإنساني و قانون حقوق الإنسان الدولي في سياق العمليات العسكرية التي أجريت الصيف الماضي، و تتكون اللجنة من القاضية ماري ماكغوان ديفيس (الولايات المتحدة الأمريكية) و دكتور دودو ديِين (السنغال).
لم تستجب السلطات الإسرائيلية لطلبات اللجنة المتكررة للحصول على معلومات و الإذن بدخول إسرائيل و الأرض الفلسطينية المحتلة المباشر إلا أن اللجنة حصلت على شهادات مروعة مباشرة عن طريق سكايب و مؤتمرات الفيديو عن بعد و المقابلات الهاتفية، كما قامت بإجراء مقابلات وجهاً لوجه مع ضحايا وشهود من الضفة الغربية خلال زيارتين إلى الأردن، و استمعت إلى شهادات ضحايا و شهود من إسرائيل سافروا الى جنيف، و قد أجرت لجنة التحقيق أكثر من 280 مقابلة سرية وتلقت نحو 500 شهادة مكتوبة.
عند نشر التقرير يوم الإثنين قام رئيسة اللجنة القاضية ديفيس و الدكتور ديِين بذكر عدد من الخطوات التي ينبغي على الأطراف و المجتمع الدولي اتخاذها، و من بينها أنه على الدول أن تدعم و بقوة عمل المحكمة الجنائية الدولية فيما يخص الأرض الفلسطينية المحتلة.
و أختتم المفوضان بقولهما: "لقد تأثرنا كثيراً بمعاناة الضحايا الهائلة و قدرتهم على التحمل"، و أضافا: "نأمل فقط أن يسهم تقريرنا حتى و لو بقدر صغير في انهاء دورة العنف."
من المقرر أن تقوم لجنة التحقيق بتقديم تقريرها رسمياً إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في 29 حزيران/يونيو 2015 في جنيف.