لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا: جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية من سمات حصار الغوطة الشرقية وعملية استعادتها
20 حزيران/يونيو 2018
للمشاركة
جنيف، 20 حزيران/يونيو 2018 – بعد انتهاء أطول فترة حصار في التاريخ المعاصر، والتي دامت لأكثر من خمس سنوات، أدانت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أسلوب الحرب هذا المُتبع في سوريا والذي يُعد همجيا ومن أساليب القرون الوسطى، مشيرة إلى تضرر المدنيين في الغوطة الشرقية جسديا ونفسيا على نحو جسيم أثناء تعرضهم للقصف بشكل شبه يومي وللحرمان الشديد المؤدي في بعض الحالات إلى وفيات كان بالإمكان تجنُبها.
وقامت اللجنة، من خلال تقرير يصدر اليوم ويقع في 23 صفحة، بحثّ كل أطراف النزاع في سوريا على الامتناع عن اللجوء إلى ممارسات الحصار في المستقبل، التي قد ترقى وفق استنتاجات اللجنة إلى مرتبة جرائم الحرب.
وخلال آذار/مارس، طلب مجلس حقوق الإنسان إجراء تحقيق عاجل وشامل ومستقل بشأن الأحداث الأخيرة في الغوطة الشرقية. ويعرض التقريرُ أحداث حصار الغوطة الشرقية واستعادتها من طرف القوات الموالية للحكومة.
وأثناء التصعيد المثير في سياق الحملة العسكرية لاستعادة الجيب المُحاصر في الفترة ما بين شباط/فبراير ونيسان/أبريل، لجأت القوات الموالية للحكومة إلى القصف الجوي والأرضي الذي تسبب في مقتل المئات من السوريين، رجالا ونساء وأطفالا. وبحلول نيسان/أبريل، كانت العديد من المنازل والأسواق والمستشفيات قد سُويت تماما بالأرض، وهو ما يرقى إلى مرتبة جرائم الحرب المتمثلة في إطلاق هجمات عشوائية، وتعمُّد مهاجمة الأعيان المحمية.
وقام المدنيون المفزوعون، في سعيهم لتجنب القصف، بالاحتماء داخل ملاجئ مؤقتة واقعة تحت الأرض، حيث عاشوا لشهور داخل الأقبية وفي ظروف عصيبة.
وصرح رئيس اللجنة باولو بينيرو قائلا: "إنه لأمر مقيت أن يُستهدف المدنيون المحاصَرون بصورة عشوائية، وأن يُحرموا بشكل منهجي من الأغذية والأدوية"، مضيفا أن "ما يظهر بجلاء من خلال المرحلة الأخيرة من الحصار هو إحجام كل الأطراف المتحاربة عن اتخاذ أي إجراء لحماية السكان المدنيين".
وخلص التقرير إلى ارتكاب القوات الموالية للحكومة جريمة ضد الإنسانية متمثلة في التسبب في معاناة عقلية أو بدنية شديدة، وذلك من خلال القصف الواسع النطاق والمستمر للمناطق والأعيان المأهولة بالمدنيين في الغوطة الشرقية، وحرمان المدنيين المحاصَرين باستمرار من الأغذية والأدوية خلال الفترة المشمولة بالاستعراض.
وأثناء الفترة ما بين شباط/فبراير ونيسان/أبريل، قامت المجموعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية المحاصَرة بدورها بإطلاق قذائف هاون غير مُوَجهة صوب مدينة دمشق المجاورة والمناطق المتاخمة، مما أدى إلى قتل وتشويه المئات من المدنيين السوريين.
وصرح عضو اللجنة هاني مجالي: "حتى وإن كانت القوات الموالية للحكومة تقوم بقصف وتجويع السكان المدنيين في الغوطة الشرقية بهدف إخضاعهم، فإنه ليس هناك ما يبرر القصف العشوائي للمناطق المأهولة بالمدنيين في دمشق"، مضيفا أن "هذه الأعمال من طرف المجموعات المسلحة وأعضاء التنظيمات الإرهابية ترقى بدورها إلى جرائم الحرب".
وذكر التقرير أنه بحلول موعد إعلان القوات الحكومية استعادة الغوطة الشرقية بشكل كامل يوم 14 نيسان/أبريل، قد تعرَّض حوالي 140 ألف شخص للتشريد من ديارهم، فيما تعرض عشرات الآلاف منهم للاحتجاز غير القانوني من طرف القوات الحكومية في مواقع تقوم بإدارتها في مختلف أنحاء ريف دمشق.
وقالت عضوة اللجنة كارين كونينج أبو زيد أن "الاحتجاز العشوائي لكل المدنيين الفارِين من الغوطة الشرقية عبر الممرات الإنسانية، بما في ذلك النساء والأطفال، أمر يستحق الشجب"، قبل أن تستطرد قائلة: "إن الاحتجاز المتواصل لهؤلاء الأفراد في حالات عديدة هو بمثابة سلبٍ تعسفي للحرية واحتجاز غير قانوني لمئات الآلاف من الأفراد".
ومن خلال اتفاقيات الهدنة المحلية و"اتفاقيات الإجلاء"، تعرض ما يقارب 50 ألف مدني من الغوطة الشرقية للتهجير باتجاه محافظتي إدلب وحلب، دون أن تمنح الحكومة السورية دعما لأي من المحافظتين.
ويذكر التقرير كذلك أن الأضرار الجسدية والنفسية المتراكمة خلال الحصار الذي دام خمس سنوات، ما برحت تؤثر سلبا على مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال في كل أنحاء سوريا.
ويُرتقب أن يُقدم تقرير اللجنة يوم 26 حزيران/يونيو خلال حوار تفاعلي بمناسبة انعقاد الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان
خلفية عامة
تتألف لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية من السيد باولو سيرجيو بينيرو (رئيساً)، والسيدة كارين كونينج أبو زيد، والسيد هاني مجالي. وقد كُلّفت اللجنة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بمباشرة التحقيق وتوثيق كافة انتهاكات القانون الدولي داخل الجمهورية العربية السورية منذ مارس/آذار 2011.
للمزيد من المعلومات والإجابة على استفسارات الإعلام: (جنيف): رولاندو غوميز، مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الهاتف: +41-79-4774411، البريد الالكتروني: [email protected]، سيدريك سابي، مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الهاتف: +41-79-201 0125، البريد الالكتروني : [email protected]