لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا: أعداد لا نظير لها من السوريين النازحين في أقل من ستة أشهر
12 أيلول/سبتمبر 2018
للمشاركة
جنيف، 12 أيلول/سبتمبر 2018 - أشارت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في تقريرها الأخير إلى أن سوريا شهدت مستويات غير مسبوقة من النزوح الداخلي – إلى حد لم نر مثيله طوال فترة الصراع المستمر منذ سبع سنوات.
وفي أقل من ستة أشهر، فيما تحركت القوات الموالية للحكومة لاستعادة مساحات شاسعة من الأراضي من الجماعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية، نزح أكثر من مليون رجل وامرأة وطفل سوري معظمهم يعيشون الآن في ظروف قاسية. وتحذر اللجنة مما قد يحدث بعد ذلك في محافظة إدلب إذا فشلت الجهود الرامية إلى التوصل إلى تسوية عبر التفاوض.
وفي تقرير مؤلف من 24 صفحة صدر اليوم، تسلط اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق بشأن الجمهورية العربية السورية الضوء على ست معارك رئيسية أدت إلى نزوح داخلي واسع النطاق وعلى محنة هؤلاء المدنيين الذين اقتلعوا من ديارهم. وبين كانون الثاني/يناير وحزيران/يونيو، وقع قتال عنيف في محافظات حلب، وشمال حمص، ودمشق، وريف دمشق، ودرعا، وإدلب، كما جاء في التقرير. واتسمت معظم المعارك بجرائم حرب بما في ذلك شن اعتداءات عشوائية، والهجوم المتعمد على الأعيان المحمية، واستخدام الأسلحة المحظورة، والنهب و/أو التهجير القسري، بما في ذلك من قبل الجماعات المسلحة. وفي حالات أخرى، أخفقت أطراف النزاع في اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين، كما يقتضي القانون الإنساني الدولي.
ويواجه السوريون النازحون العديد من الصعوبات والتحديات التي تعترض سبل عيشهم، بما في ذلك عدم الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء والخدمات الطبية ومرافق الصرف الصحي الأساسية والسكن الملائم.
وقال رئيس اللجنة باولو بينيرو: "من غير المبرر تمامًا ألا يحترم أي طرف في هذا النزاع التزاماته تجاه المدنيين الذين تشردوا بسبب العمليات العسكرية". وأضاف: "يصادف هذا العام الذكرى السنوية العشرين للمبادئ التوجيهية بشأن النزوح الداخلي، والتي ينبغي أن تكون بمثابة تذكير واضح لجميع الأطراف بأنه يمكنهم لا بل يجب عليهم بذل جهود إضافية لمنع المزيد من النزوح الداخلي والتصدي للتحديات التي يواجهها أكثر من 6.5 مليون نازح في جميع أنحاء البلاد".
ولاحظ التقرير أن جميع المدنيين النازحين لم يفرّوا من الاشتباكات. وتوصلت القوات الموالية للحكومة إلى اتفاقات هدنة محلية مع جماعات مسلحة في محافظات شمال حمص ودمشق وريف دمشق ضمّت أيضًا "اتفاقات إجلاء" أدت إلى نزوح إضافي.
وأشارت المفوضة كارين أبو زيد إلى أنه "تم تشريد عشرات الآلاف من الأشخاص قسراً في إطار ما يسمى ’باتفاقيات الإجلاء‘. ومع ذلك، فإن توفير الغذاء والماء والظروف المعيشية المناسبة لهم يبقى مسؤولية الأطراف التي تتفاوض على هذه الاتفاقات وتبرمها. وكافة الأطراف أهملت هذه المسؤولية ".
ويسلط التقرير الضوء على وضع النازحين داخلياً في ريف دمشق. وفي المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، لا يزال الآلاف من المدنيين النازحين يعانون من الصعوبات في المواقع المكتظة بشدة و/أو التي تفتقر إلى الموارد، حيث لا يزال العديد منهم يخضعون للاحتجاز بصورة غير قانونية من قبل القوات الحكومية.
وقال المفوض هاني مجالي: "دفع المدنيون ثمنًا باهظاً بسبب المعارك التي شنتها الحكومة لاستعادة الأراضي". وأضاف أن "بعض المناطق بما في ذلك مخيم اليرموك في دمشق أو أجزاء من الغوطة الشرقية تُركت مدمرة بشدة لدرجة أنه من غير المتوقع عودة المدنيين إليها". "ويسكن العديد من هؤلاء المدنيين الآن في الخيم أو المباني المهجورة في الشمال الغربي، ويعيشون على مساعدات إنسانية محدودة للغاية بنظام الحصص".
وتحذر اللجنة من أن نسبة كبيرة من هؤلاء النازحين يقبعون حالياً في إدلب، حيث يمكن أن يؤدي هجوم آخر لا يولي أي اعتبار يذكر للحياة المدنية إلى أزمة كارثية في مجال حقوق الإنسان والوضع الإنساني.
وتحثّ اللجنة جميع أطراف النزاع في سوريا، والمجتمع الدولي، على إعطاء الأولوية لمحنة النازحين داخلياً، ويقترح مجموعة من التوصيات العملية التي لا تتطلب سوى الإرادة السياسية. وتشمل هذه التوصيات، التي تهدف إلى معالجة القضايا التي تؤثر في المدنيين النازحين نتيجة النزاع، ما يلي: ضمان توفير السكن المناسب لهم، وعدم احتجازهم ، وعدم رفض الدولة تعسفاً منحهم المساعدات الإنسانية، واحتفاظهم بحقهم في العودة بأمان وكرامة إلى منازلهم السابقة. وسلطت اللجنة الضوء على الحاجة إلى هيئة مستقلة ومحايدة لاستعراض المطالب المتعلقة بحقوق الملكية واسترداد الممتلكات، وشددت على أهمية ضمان قدرة المرأة على المشاركة في هذه العملية على قدم المساواة.
ومن المقرر تقديم تقرير اللجنة في 17 أيلول/سبتمبر خلال حوار تفاعلي في الدورة التاسعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان.
خلفية
تتألف لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية من السيد باولو سيرجيو بينيرو (رئيساً)، والسيدة كارين كونينج أبو زيد، والسيد هاني مجالي، وقد كُلّفت اللجنة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بمباشرة التحقيق وتوثيق كافة انتهاكات القانون الدولي داخل الجمهورية العربية السورية منذ آذار/مارس 2011.