المساءلة محورية لمستقبل سريلانكا، بحسب ما جاء في تقرير جديد صدر عن مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان
06 أيلول/سبتمبر 2023
للمشاركة
جنيف (6 أيلول/ سبتمبر 2023) - تعاني سريلانكا من نقص مستمر في المساءلة، سواء عن جرائم الحرب الوحشية أم عن انتهاكات حقوق الإنسان الأخيرة أم الفساد أم إساءة استخدام السلطة، ولا بدّ من معالجة أوجه القصور هذه كي تتمكن البلاد من المضي قدمًا، بحسب ما أشار إليه تقرير جديد نشرته الأربعاء مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان.
وقد أعلن مفوض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك قائلاً: "منذ أكثر من عام، طالبت الاحتجاجات الحاشدة بحوكمة أفضل ورؤية شاملة لسريلانكا، أي أنّها طالبت باختصار بتجديد العقد الاجتماعي. إلاّ أنّ التحول التاريخي المحتمل الذي من شأنه أن يعالج التحديات الطويلة الأمد، لا يزال بعيد المنال."
فبعد مرور أربعة عشر عامًا على نهاية الحرب، لا يزال عشرات الآلاف من الضحايا والأسر يواجهون الآلام والمعاناة في البحث عن الحقيقة والعدالة والانتصاف. وفيما اقترحت الحكومة آلية جديدة لتقصي الحقائق، يشدد التقرير على ضرورة بذل جهود حقيقية بهدف إرساء الأسس وتهيئة بيئة مؤاتية لنجاح أي عملية عدالة انتقالية.
أما نقطة الانطلاق فتكمن في عقد مشاورات هادفة وشفافة مع الضحايا والمجتمع المدني بشأن الاقتراح الحالي لتقصي الحقائق، الذي يشمل وضع حد لجميع أشكال المضايقات والمراقبة غير القانونية والتعسفية المُمارَسة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والجماعات المعنية بالضحايا، فضلاً عن دعم المبادرات الرامية إلى الاعتراف بتجربة الضحايا وتخليد ذكراهم.
وقد أوضح تورك قائلاً: "إنّ تقصّي الحقائق لا يكفي وحده. ويجب أن يترافق مع التزام واضح بالمساءلة ومع الإرادة السياسية لإحداث تغيير بعيد المدى."
من بين التوصيات الأخرى التي قدمها التقرير، دعوة السلطات إلى تسريع التحقيقات والمحاكمات في القضايا البارزة لانتهاكات حقوق الإنسان، وتفجيرات عيد الفصح لعام 2019. وكان المفوض السامي قد حثّ في وقت سابق على إجراء تحقيق مستقل بمساندة دولية من أجل متابعة المزيد من خيوط التحقيق في الملابسات الكاملة لاعتداءات عيد الفصح 2019.
ويعرض التقرير أيضًا آخر المستجدّات بشأن مشروع المساءلة الذي أطلقته مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان عملًا بالقرارين 46/1 و51/1. وكرر المفوض السامي الدعوة التي سبق ووجّهها إلى المجتمع الدولي، لدعم مبادرات المساءلة، لا سيما من خلال التحقيقات والمحاكمات عبر استخدام الولاية القضائية العالمية أو الولاية خارج الأقاليم، مع اتخاذ التدابير التكميلية الضرورية الأخرى.
كما يعرض التقرير بالتفصيل عددًا من المخاوف المتعلّقة بالقوانين الجديدة المقترحة، بما في ذلك مشروع قانون جديد بشأن مكافحة الإرهاب والتشريع الجديد بشأن تنظيم البث الإعلامي.
ويشير التقرير إلى أن الرئيس قد حدد نبرة مختلفة في النهوض بمبادرات المصالحة ووعد بوقف حيازة الأراضي لأغراض أثرية أو أمنية، التي شكّلت بشكل متزايد مصدرًا للنزاعات والتوترات المحلية. وفي موازاة ذلك، لا تزال مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان تتلقّى التقارير بشأن النزاعات على الأراضي، لا سيما في شمال وشرق البلاد.
وسلّط التقرير الضوء على الأثر المستمر للأزمة الاقتصادية لعام 2022 والتدهور العالمي الذي تشهده حقوق الإنسان، على الناس ورفاههم، بما في ذلك الارتفاع الصارخ في معدل الفقر في سريلانكا، الذي تضاعف من 13 في المائة في العام 2021 إلى 25 في المائة في العام 2022. ويؤثر انعدام الأمن الغذائي على نسبة كبيرة من السكان، ما يؤثّر بدوره على الحق في الصحة ويؤدّي إلى تفاقم خطر ترك المدرسة.
وأكّد المفوض السامي أنّ المجتمع الدولي، بما فيه المؤسسات المالية الدولية، يجب أن يدعم سريلانكا في انتعاشها الاقتصادي وفي الوفاء بالتزاماتها الدولية، وأن يمارس كلّ ضغط ممكن من أجل إحراز تقدم حقيقي في الحوكمة والشفافية والمساءلة.
فقال: "أحث الحكومة والأحزاب السياسية السريلانكية على السعي لتحقيق التجديد الذي تمسّ الحاجة إليه، وترسيخ الإصلاحات المؤسسية وإحراز تقدم ملموس في المساءلة والمصالحة وحقوق الإنسان. وهذه الخطوة مناسبة لا سيّما هذا العام الذي يصادف الاحتفال بالذكرى السنوية الـ75 لاستقلال سريلانكا والذكرى السنوية الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان."