بيانات صحفية آليات متعدٓدة
مدنيّون لجأوا إلى أوغندا جرّاء الحرب في السودان يقدّمون شهادات مُفجِعة لبعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق
19 كانون الاول/ديسمبر 2024
جنيف – قدّم عشرات الرجال والنساء والأطفال النازحين من السودان شهادات مهمّة بشأن النزاع المميت في السودان إلى خبراء حقوق الإنسان أثناء زيارتهم إلى مخيّم للاجئين في دولة أوغندا المجاورة للسودان.
وعبّر الخبراء الأعضاء في بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان عن قلقهم إزاء التأثير المتزايد للنزاع على المدنيّين وذلك بعد اجتماعهم مع أكثر من 200 شخص من معظم ولايات السودان ضمن زيارتهم إلى أوغندا من 1 حتى 18 كانون الأول/ديسمبر.
قال محمد شاندي عثمان رئيس بعثة تقصي الحقائق: "بدلًا من مساهمتهم الإيجابية في إعادة بناء السودان، يقبع ملايين اللاجئين السودانيين في ظروف مزرية في مخيمات وتجمّعات اللاجئين في الدول المجاورة للسودان في ظلّ تأجّج النزاع. ويعجزون عن الحصول على سبل العيش أو فرص العمل ريثما يستميتون إمكانية عودتهم الى بلدهم الأم."
وقد زار الخبراء مقرّا للوافدين الجدد في مخيم كيرياندونغو بأوغندا الذي يستضيف أكثر من 50 ألف لاجئ معظمهم من السودان وجنوب السودان، حيث التقوا لاجئين من العاصمة الخرطوم بالإضافة إلى محافظات النيل الأزرق ودارفور والجزيرة وكردفان والنيل الأبيض، وشاهدوا عن قرب الظروف العصيبة وذلك مع دخول النزاع مرحلة جديدة تشهد تمدد الحرب شرقا.
كما سلّطت زيارة بعثة تقصي الحقائق الضوء على أحداث رئيسيّة كحصار مدينة الفاشر ومحيطها في شمال دارفور منذ نيسان/أبريل 2024. وجمعت البعثة شهادات مُفجِعة عن الدمار واسع النطاق بالإضافة الى حالات القتل والاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي. ورافق الحصار قصف بلا هوادة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، ألحق أضرارًا بالمدنيّين والبنى التحتية المدنية بما في ذلك المستشفيات مما أدى إلى ظروف إنسانية كارثية.
واستمعت بعثة تقصي الحقائق كذلك الى نساء سودانيات شرحن هول التحديات ومستوى المعاناة قبل وصولهن إلى أوغندا.
وشدّدت عدد من النساء على ازدياد حالات الإجهاض وعانت أخريات من الضربات الجوية المفرطة أو القصف المدفعي للأسواق، كبائعات يعملن هناك أو خلال زيارة السوق لشراء مستلزمات أساسية لعوائلهن. كما أبلغت نساء عن حالات تحرش جنسي بما في ذلك من قبل أفراد يرتدون زي قوات الدعم السريع ويتحدثون لغات أجنبية. وتحدثت العديد من النساء عن رغبتهن في رسم مستقبل السودان وعدم ترك مستقبل البلاد في أيدي الرجال المتحاربين.
قالت الخبيرة عضو البعثة منى رشماوي: "لا يُعتبر نساء وأطفال السودان الضحايا الرئيسيّين لهذا النزاع العبثي فحسب، بل هم أيضًا الأساس لتحقيق حياة سلمية وكريمة لجميع السودانيين. يجب أن يكون لديهم مقعد على أي طاولة مفاوضات كأصحاب مصلحة متساويين."
يحتاج حوالي نصف سكان السودان – 26 مليون شخص تقريبًا – بشدّة إلى المساعدة الإنسانية، حيث ان ثلاثة ملايين شخص يعانون من الجوع الحاد. نزح أكثر من 11 مليون مدني داخليًا وفرّ ثلاثة ملايين لاجئ تقريبًا من البلاد، بمن فيهم 64 ألف لاجئ كانوا قد عبروا الحدود الى أوغندا منذ اندلاع النزاع الحالي في نيسان/أبريل 2023.
وأضاف عثمان: "نعيد التأكيد ان الأعداد الفائقة للذين يعانون من الجوع والنزوح تحتّم التحقيق في الأسباب الجذرية للعنف وتعزيز المساءلة على الجرائم المروّعة للتأكد من إنهاء دوامة العنف."
واستمعت بعثة تقصي الحقائق إلى لاجئين واجهوا رحلات مُضنية تخللها مرارًا العديد من نقاط التفتيش حيث تم استجوابهم واحتجازهم واتهامهم بالتعاون مع الأطراف المعادية في النزاع. وجُرّد العديد من كلّ ما في حوزتهم بما في ذلك المال والهواتف المحمولة واضطر بعضهم إلى التوسّل في المساجد والجمعيات الخيرية لجمع ما يكفي لدفع تكاليف المواصلات الى خارج السودان.
واستمع الخبراء كذلك إلى التحديات التي واجهها أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة والذين عانوا من النزوح ولم يحصلوا على الدعم المناسب أو الضروري. وروى أفراد يعانون من ضعف القدرة على الحركة صعوبات شديدة لدى مغادرتهم مناطق النزاع بظل عدم توفّر المسكن أو المساعدة المناسبين. وتعرّض أفراد يعانون من ضعف السمع الى العنف على نقاط التفتيش بعدما تم اتهامهم بالتجسس لصالح الطرف الآخر في النزاع.
وتحدثت بعثة تقصي الحقائق مع عدد من السودانيين الذين نزحوا الى ولاية الجزيرة وقد وصفوا أعمال الاغتصاب والعمالة القسرية وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني والتي ارتكبت معظمها قوات الدعم السريع.
أدى نهب البيوت السكنية والمزارع وسرقتها من قبل قوات الدعم السريع إلى تأزيم الأزمة الإنسانية كذلك في ولاية الجزيرة. كما تسببت القوات المسلحة السودانية بإصابات فادحة في صفوف المدنيين جراء القصف الجوي للمناطق المدنية.
وأشاد الخبراء بفتح السلطات الأوغندية لحدودها أمام اللاجئين من السودان ودول أخرى فضلا عن تقديمها المساعدات الإنسانية لهم، كلما أمكن. ورحّب الخبراء بشكل خاص بقدرة هؤلاء اللاجئين على ممارسة حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتنقل. نتيجة لذلك، تستضيف أوغندا عددًا كبيرًا من منظمات المجتمع المدني ومدافعي حقوق الإنسان السودانيّين.
علاوة على ذلك، يمكن لللاجئين السودانيّين الانخراط في سوق العمل والحصول على الرعاية الصحية والتعليم على غرار المواطن الأوغندي. لكن وبالرغم من مستوى المهارة العالي للسودانيّين، توجد عوائق اقتصادية ولغوية تحدّ من قدرات اللاجئين على الاستفادة من هذا السخاء، فضلًا عن عدم مقدرتهم توفير الوثائق التي تثبت مؤهلاتهم بسبب نزوحهم العاجل.
قالت الخبيرة عضو البعثة جوي نجوزي إيزيلو: "لذلك تدعو بعثة تقصي الحقائق المجتمع الدولي الى دعم أوغندا وغيرها من الدول التي تستضيف عددًا كبيرًا من اللاجئين السودانيين لضمان وصولهم الى الخدمات الأساسية بما في ذلك الغذاء والرعاية والاحتياجات الصحية والتعليم حتى يصبح بإمكانهم العيش بظروف إنسانية وبكرامة."
كما زارت بعثة تقصي الحقائق العاصمة الإثيوبية أديس أبابا حيث أجرت حوارًا بنّاء مع الاتحاد الافريقي ووكالات الأمم المتحدة إنسجامًا مع ولايتها التي تقضي العمل بتناسق مع الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لتحسين وضع انتهاكات حقوق الإنسان في السودان وتعزيز السلام والعدالة والمساءلة.
الصفحة متوفرة باللغة: