فولكر تورك، مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان
في
الدورة الـ53 لمجلس حقوق الإنسان
من
حوار تفاعلي حول تقرير المفوض السامي بشأن فنزويلا
سيّدي الرئيس،
أصحاب السعادة،
أيها المندوبون الكرام،
في هذا اليوم الذي يحتفل فيه الفنزويليون باستقلالهم، أُحيي انخراط البلاد مع مفوضيّتنا، وهي خطوة تشكّل بحدّ ذاتها إشارة بالغة الأهمية.
كما تُواصل السلطات تيسير زيارات فريقنا إلى مراكز الاحتجاز المدنية والمقابلات مع المحتجزين. وفي الشهر الماضي، تمكن موظّفونا أيضًا من زيارة مركزَي احتجاز عسكريَّيْن.
بالإضافة إلى ذلك، أتيحت لهم إمكانية الاطلاع على 13 ملفًا من ملفات قضايا الادعاء وإمكانية الوصول إلى ثلاث جلسات استماع قضائية، كما أجروا تبادلات مباشرة مع المدعين العامين بشأن القضايا والمسائل التي حددتها مفوضيتنا، ما أدى إلى توسيع نطاق العمل مع مكتب المدعي العام ليشمل مجالات تعاون جديدة. ما وفّر بالتالي فرصة صياغة توصيات دقيقة تهدف إلى تحسين امتثال التحقيقات والمحاكمات للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
ووافق مكتب المدعي العام أيضًا على اعتماد بروتوكول للتحقيق في حالات القتل الجنساني أو ما يُعرَف بقتل الإناث، منفّذًا توصية هامة صادرة عن الجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة. وأشجع على اتخاذ المزيد من التدابير المماثلة بغية النهوض بحقوق المرأة، بما في ذلك عن طريق تعديل التشريعات التقييدية المتعلقة بالإجهاض.
وألحظ مع التقدير الحكم الصادر عن المحكمة العليا في آذار/ مارس 2023، الذي ألغى تجريم العلاقات المثلية من قانون القضاء العسكري، وأشجع على اتخاذ تدابير إضافية لتعزيز حقوق مجتمع الميم.
وألحظ أيضًا أن فنزويلا وقّعت الشهر الماضي، في خطوة هامة نحو تحقيق العدالة والمساءلة، مذكرة تفاهم مع مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية تهدف إلى إنشاء وجود لها في البلاد.
سيّدي الرئيس،
إنّ عدد حالات القتل الموثّقة التي ارتكبها وكلاء الدولة، والتقارير المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة، آخذة في الانخفاض.
وتشير التقارير الرسمية إلى أنه في العام 2022، تم توجيه اتهامات إلى 362 مسؤولاً، وأُدين 47 بتهمة التعذيب وسوء المعاملة. كما تلقت مفوضيّتنا معلومات حول 91 شكوى أخرى من التعذيب قدمها الضحايا وممثلوهم منذ العام 2018، وأحث السلطات على ضمان المتابعة المناسبة من دون أي استثناء وبكلّ شفافية.
وقد سجّلت التحقيقات في حالات الوفيات في سياق الاحتجاجات، التي وقعت في 2014 و2017 و2019 الكثير من التأخير. بالإضافة إلى ذلك، من بين 101 حالة وفاة وثقتها مفوضيتنا في سياق العمليات الأمنية، لم تُقدَّم إلى المحكمة سوى ثماني دعاوى فقط.
أكرر دعوتي إلى الإفراج عن جميع المحتجزين بصورة غير قانونية أو تعسفية، بمن فيهم 16 شخصًا اعتَبَر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي احتجازهم تعسفيًا؛ والأشخاص الذين تجاوزت فترة احتجازهم قبل المحاكمة الحد القانوني.
وأعرب عن قلقي البالغ حيال حالة خافيير تارازونا، المدافع البارز عن حقوق الإنسان والمحتجز منذ عامين، ويُزعَم أن حالته الصحية متدهورة. ولا تزال محاكمته جارية.
أحث على حل هذه المسائل كلّها، وعلى تنفيذ كامل التوصيات الأخرى الواردة في تقريري بهدف تسريع الجهود الرامية إلى إقامة العدل على نحو فعال ونزيه ومستقل. ومفوضيتنا على أهبّ استعداد لدعم هذا العمل.
سيّدي الرئيس،
من الضروري للغاية أن تُنفِّذ السلطات توصياتنا بشأن التمتع الكامل بالحيّز المدني. فقد وثّقت مفوضيتنا حالات تهديد ووصم لنشطاء من المجتمع المدني وأعضاء أحزاب المعارَضة وغيرهم من الأصوات المعارِضة الأخرى، بما في ذلك 67 حادثة يُزعم أن مسؤولين حكوميين تورطوا فيها. كما وثّقت مفوضيتنا 17 حالة من الإجراءات القضائية غير المبررة ومن الاحتجاز التعسفي. وقد انخفض عدد هذه الحوادث عن العام السابق لكنه لا يزال مقلقًا.
كما أن القيود المفروضة على الإعلام العام وعلى حرية الرأي والتعبير مثيرة للقلق البالغ. ومنها إغلاق 16 محطة إذاعية في جميع أنحاء البلد. وتُواصل مفوضيتنا توثيق القيود التي لا داعي لها المفروضة على تسجيل المنظمات غير الحكومية المعنية بقضايا حقوق الإنسان.
وفي هذه المجالات وغيرها من المجالات الأخرى، لا بدّ من إصلاح التشريعات كي تتماشى مع المعايير الدولية، بغية تعزيز حرية تكوين الجمعيات من خلال تهيئة بيئة مؤاتية لمشاركة الجمعيات المدنية في الحياة العامة.
يجب أن تكون العمليات الانتخابية الوطنية المقبلة في فنزويلا شفافة وشاملة وقائمة على المشاركة. وأحث على رفع جميع القيود غير المبررة المفروضة على الحق في المشاركة في الشؤون العامة؛ والامتثال الكامل للإجراءات القانونية الواجبة؛ واعتماد التدابير اللازمة لمنع ومعاقبة الاعتداءات والتخويف وتجريم الأشخاص الذين يعبرّون عن آرائهم المعارِضة.
وينبغي معالجة على وجه الاستعجال التقارير التي تفيد بوجود عقبات تحول دون المشاركة الحرة في الشؤون السياسية، بما في ذلك إسقاط أهلية أعضاء المعارَضة وحرمانهم إداريًا من تولي مناصب عامة. ونتابع عن كثب التطورات المحيطة بتعيين مجلس انتخابي وطني جديد، من منظور المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وقد استمرت الاحتجاجات خلال الفترة المشمولة بالتقرير، وغالبًا ما تمحورت حول المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مثل تحسين ظروف العمل والأجور.
ويُعتَبَر اعتقال اثنين من القادة النقابيين في شركة سيدور للصلب والفولاذ، التي تديرها الدولة في ولاية بوليفار الشهر الماضي، بتهمة التحريض على الكراهية والارتباط بعصابات إجرامية ومقاطعة العمل، من الحالات الأخرى المثيرة للقلق البالغ، في موازاة المحاكمة الجارية لستة من القادة النقابيين والعمال بتهمة التآمر والارتباط بالعصابات الإجرامية، بعد اعتقالهم قبل عام على خلفية الاحتجاجات العمالية وفق ما زُعِم.
يتمتّع جميع الفنزويليين من دون أي استثناء بالحق في التجمع السلمي. وأدعو الحكومة ومنظمات أصحاب العمل إلى احترام هذه الحقوق الأساسية، والانخراط في حوار جدّي مع النقابات والعمال.
وأعرب من جديد عن قلقي حيال تجريم القادة من المزارعين الريفيين وتهديدهم وحتى قتلهم المزعوم لدفاعهم عن حقوقهم في ملكية الأراضي أو إدانة الفساد. ويجب اتخاذ التدابير اللازمة لحماية هؤلاء القادة الريفيين والتحقيق في جميع هذه الجرائم المزعومة.
كما نواصل توثيق حالات التهديد والتخويف التي تمارسها الجماعات المسلحة والإجرامية غير الحكومية ضد المدافعين عن السكان الأصليين الذين يحمون أراضيهم من الاتجار بالمخدرات والتعدين. ويجب أن تتماشى الجهود المبذولة لمكافحة هذه الأنشطة مع القانون الدولي لحقوق الإنسان وأن تقترن بتدابير ترمي إلى تحسين سبل عيش المتضررين. ومن الضروري للغاية إعادة تنشيط عملية ترسيم حدود أراضي الشعوب الأصلية، مع التركيز على الترسيم الذاتي. وأرحب بالتزامات مفوضيتنا ووزارة الشعوب الأصلية بالعمل معًا من أجل إعمال حقوق الشعوب الأصلية.
سيّدي الرئيس،
لا تزال العقوبات القطاعية تساهم في تفاقم التحديات التي تهدّد حقوق الإنسان في البلاد، كما تؤثر على حقوق الفنزويليين، بما في ذلك حصولهم على الأدوية والرعاية الصحية الكافية. ولا بدّ من رفعها فورًا.
ومن الملحّ أيضًا دعم جميع الجهود التي تفضي إلى إطلاق حوار شامل وفعال بين الفنزويليين. وأشجع على التنفيذ السريع والكامل للاتفاقات التي تم إبرامها حتى اليوم، بما في ذلك اتفاق ميسا الاجتماعي الذي تم التوصل إليه في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي. فإعادة بناء الثقة والعقد الاجتماعي المتماسك من أجل المستقبل يشكّلان السبيل الوحيد للمضي قدمًا.