فيينا+20 – مستقبل حقوق الإنسان
27 حزيران/يونيو 2013

منذ عشرين عاماً، تجمع أكثر من 000 7 مشارك في فيينا بالنمسا لحضور المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان. وعلى الرغم من نشوب الحرب في البلقان، فإن نهاية الحرب الباردة أعطت زخماً متجدداً للجهود الرامية إلى إعمال حقوق الإنسان العالمية.
وتمكن المشاركون في المؤتمر، في نهاية المطاف، من طرح خلافاتهم الجمة جانباً والاتفاق على نتيجة هي وثيقة إعلان وبرنامج عمل فيينا التي تُعتبر حدثاً معلمياً في تاريخ الحركة العصرية لحقوق الإنسان.
وفي كلمتها الافتتاحية في مؤتمر فيينا+20، المعقود في 27 حزيران/يونيه للاحتفال بذكرى المؤتمر العالمي لعام 1993 وإعلانه، وصفت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، وثيقة إعلان وبرنامج عمل فيينا بأنها "إحدى أقوى الوثائق الصادرة في مجال حقوق الإنسان في الأعوام المائة الماضية."
وقالت بيلاي "إنها بلورت المبدأ الذي مفاده أن حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتشابكة، ورسخت بإحكام مفهوم العالمية بإلزام الدول بتعزيز جميع حقوق الإنسان لجميع الناس بصرف النظر عن النظم السياسية والاقتصادية والثقافية."
واسترعى مايكل سبيندلغر نائب المستشار والوزير الاتحادي للشؤون الأوروبية والدولية في النمسا، وهو يلقي كلمته الرئيسية، الانتباه إلى متكلم لم يتمكن من حضور الحدث. فرئيس الأساقفة مور غريغوريوس، من حلب، أُخذ رهينة في سوريا منذ أكثر من عامين. وأعرب نائب المستشار عن "عميق تعاطفه مع جميع الضحايا الذين يكرسون أنفسهم لصون حرية الدين."
وقال سبيندلغر إن المؤتمر العالمي الذي عُقد في عام 1993 كان "نجاحاً هائلاً" فتح آفاقاً جديدة. وأشار بالتحديد إلى التوافق على عدم قابلية جميع حقوق الإنسان للتجزئة، والتقدم المحرز في حقوق المرأة، والاتفاق في المجتمع الدولي على أن مبدأ حماية حقوق الإنسان شاغل مشروع.
وسلطت بيلاي أيضاً الضوء على التقدم الذي أُحرز منذ عام 1993، "بفضل المسار الذي أُرسي في فيينا." وأشارت إلى إنشاء أول محكمة جنائية دولية دائمة في العالم، وآليات أقوى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، بما في ذلك الإجراءات الخاصة التي تتمثل في أصحاب الولايات المستقلين الذين يرصدون، ويقدمون التقارير عن، المجموعة الكاملة لحقوق الإنسان، والتوسع في الهيئات المنشأة بموجب معاهدات، وهي أفرقة الخبراء المستقلين الذين يضطلعون بتقييم مدى امتثال الدول الأعضاء لمعاهدات حقوق الإنسان.
وكان منصب المفوض السامي لحقوق الإنسان أحد الاتفاقات التي تم توقيعها في المؤتمر العالمي لعام 1993. فقد اتفق المشاركون على الحاجة إلى صوت رسمي يتكلم جهاراً عن انتهاكات حقوق الإنسان على الصعيد العالمي.
إن المفوضية السامية "قدمت إسهامات حاسمة في الطريقة الجديدة تماماً التي تتناول بها الأمم المتحدة حقوق الإنسان"، قال سبيندلغر وتمنى للمفوضة السامية ومفوضيتها عيد ميلاد سعيد.
وقالت بيلاي نفسها إن المفوضية السامية "ملأت فراغاً كبيراً في منظومة الأمم المتحدة وأصبحت مدافعة متزايدة القوة والموثوقية عن الضحايا في جميع أنحاء العالم، وصوتاً لمن لا صوت به."
وتكلمت بحماس الصحفية اليمنية والناشطة في مجال حقوق المرأة والفائزة بجائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، عن النضال من أجل حرية التعبير والشفافية باعتبارهما الشرطين المسبقين الأساسيين للديمقراطية.
وقالت كرمان إن الربيع العربي بيَن للعالم الأدوار الهامة التي يمكن أن يضطلع بها كل من النساء والشباب وقالت إنه يجب إتاحة الفرصة لهم للمشاركة في جميع جوانب الحياة ويتعين على الحكومات تمكينهم من خلال المبادرات التشريعية.
وكانت كرمان واحدة من عدة متكلمين في حلقة نقاش رفيعة المستوى افتتحت مناقشات مؤتمر فيينا+20.
وقال متحدث آخر هو ساليل شيتي، أمين عام منظمة العفو الدولية، إن المؤتمر الأصلي كان يبدو أنه كارثة ولكنه، بدلاً من ذلك، اعتُبر "معلما". وقال إن إنشاء المفوضية السامية لحقوق الإنسان كان "إنجازاً أساسياً".
واسترعى شيتي الانتباه إلى أوجه التقدم العديدة التي تحققت منذ عام 1993 ولكنه قال إن الحكومات لو امتثلت للالتزامات التي أُعلنت في ذلك الوقت لكان العالم مكاناً مختلفاً. وأشار إلى النزاعات المسلحة "التي تحدث أمام أعيننا" ولكنه أشار أيضاً في الوقت نفسه إلى الحركات الحديثة الرامية إلى التغيير التي يقول فيها الناس، حتى من الديمقراطيات الراسخة، "كفى" ويطالبون بزيادة المساءلة.
وقال شيتي إن المجتمع العالمي تنفد أعذاره. ويجب أن تلتزم الحكومات والشركات بمبادئ حقوق الإنسان، وإلا فإن الناس بوجه عام، ولكن بوجه خاص النساء والشباب، سيقولون "كفى".
وأشارت لودميلا ألكسيفا، وهي من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في روسيا ومؤسسة فريق موسكو لمراقبة الامتثال لوثيقة هلسنكي الختامية، إلى أنه في بلدها، منذ عشرين عاماً، بدأ المجتمع المدني يكتسب قوة وبدأ تحسن النظام القضائي وبدأ تقدم حقوق الإنسان بوجه عام. وقالت إن الوضع تدهور مؤخراً ودعت المفوضية السامية والمجتمع الدولي إلى دعم الجهود الرامية إلي تعزيز احترام حقوق الإنسان في بلدها.
وأقر جان إلياسون، نائب الأمين العام للأمم المتحدة، بالتقدم المحرز ولكنه هو أيضاً استرعى الانتباه إلى النزاعات في جميع المناطق وقال إنه يعتقد أن العالم "أخذ يعتاد على العنف." وقال إن هناك "موجة معاملة وحشية في العالم، وكثيراً جداً ما تنتهي أعداد الضحايا في الصفحة 16."
وقال إلياسون "لا يمكن أن يكون هناك سلام دائم أو تنمية مستدامة دون احترام حقوق الإنسان."
ودعت المفوضة السامية بيلاي إلى التأمل. وقالت "إنني أعتقد أن هذه الذكرى السنوية العشرين تتيح لنا فرصة بالغة الأهمية للرجوع بالفكر إلى فيينا بغية إعادة اكتشاف سبيل المضي قدماً."
وقالت "إننا، عندما نأتي هنا، لا نحتفل بالتاريخ. إننا نتحدث عن مخطط لتشييد صرح فخم لم يُشيد منه حتى الآن سوى نصفه. ومن الضروري أن ننظر إلى وثيقة إعلان وبرنامج عمل فيينا باعتبارها وثيقة حية يمكن وينبغي أن تظل توجه أعمالنا وأهدافنا."
