إن عددًا من موظفي الأمم المتحدة بمن فيهم 8 من موظفي المفوضيّة السامية لحقوق الإنسان محتجزون في اليمن
تدعو المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى إطلاق سراحهم فورًا.
28 آذار/مارس 2022
أورد الخبير في تقريره الأخير إلى مجلس حقوق الإنسان ما يلي: "نظرًا إلى أن البذور أساسيّة جدًا لثقافات الشعوب ومنظوماتهم الغذائية، فإن التحكم فيها هو بمثابة التحكم في الحياة."
وأشار كذلك إلى أنه بعد عشرة آلاف عام من العلاقة المحلية مع النباتات، اختبرت البشرية خلالها بيئتها وتكيفت معها، وضع الفلاحون والمزارعون مجموعتين مختلفتين لمنظومات البذور لضمان الاستمرارية والبقاء، هما منظومات بذور المزارعين ومنظومات البذور كسلعة أساسية.
منظومتان للبذور
أكّد فخري أنّ منظومات بذور المزارعين هي أساس جميع المنظومات الغذائية. فهي تدعم تجديد التنوع البيولوجي، وتسمح بالتوزيع المجاني للبذور والمعرفة بين الشعوب، وتجعل المنظومات الغذائية أكثر قدرة على الصمود في وجه تغير المناخ والآفات ومسببات الأمراض.
كما تلبي منظومات بذور المزارعين "حق الشعوب في الحياة وفي الغذاء، وتسمح للمزارعين بحفظ البذور واستخدامها وتبادلها وبيعها بحرية. وتضمن أن يتمكن الناس من إطعام أنفسهم بشكل مناسب مباشرة من الأراضي المنتجة"، بحسب ما شرحه فخري. وتابع قائلاً: "تسمح منظومات بذور المزارعين للمزارعين بزراعة الغذاء بطريقة تستجيب لتغيير وتتكيف معه، ما يجعل المجتمعات أقوى والمنظومات الغذائية أكثر قدرة على الصمود."
وأشار فخري من ناحية أخرى، إلى أنّ منظومات البذور كسلعة مكرسة لتكاثر الأصناف المتجانسة التي تعتمد على المدخلات الزراعية الكيماوية.وأضاف أنّ "الغرض الأساسي منها هو جني الأرباح وإنتاج أكبر قدر ممكن من الغذاء."
تهيمن على منظومات البذور هذه أربع شركات كيماويات زراعية تُعَرف ’بـالأربعة الكبرى‘. وأكّد فخري إنها تسيطر على 60 في المائة من السوق العالمية للبذور و75 في المائة من السوق العالمية لمبيدات الآفات، ما يؤدّي إلى سيطرة خانقة على أصناف البذور وتوزيعها وأسعارها.
فقال: "إنّ تركيز السوق هذا يعني أنّ عددًا صغيرًا من الشركات يتحكّم على نحو غير عادل في أسعار البذور. وكلّما قلّ التنوع البيولوجي في المنظومات الغذائية كلما زاد تعرّض المزارعين لصدمات تغير المناخ. ويضرّ الاستخدام المتزايد لمبيدات الآفات أيضًا بصحة وسلامة العمال الزراعيين والمزارعين والمجتمعات."
نظامان قانونيان مختلفان ومتناقضان
أشار فخري أيضًا إلى أن كل نوع من أنواع البذور يرتبط بنظام قانوني مختلف. فحقوق المزارعين مترسّخة في صميم منظومات بذور المزارعين، وهي مدعومة بالمعاهدة الدولية بشأن الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة (المادة 9)، وإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية (المادة 31)، وإعلان الأمم المتحدة المتعلق بحقوق الفلاحين وغيرهم من العاملين في المناطق الريفية (المادة 19).
وقد تم الاعتراف بحقوق المزارعين بوضوح وإعادة التأكيد عليها باعتبارها من حقوق الإنسان غير القابلة للتصرف، حيث يتمتّع جميع الشعوب الأصلية والفلاحين بالحقّ في الحفاظ على بذورهم ومعارفهم التقليدية والتحكّم بها وحمايتها وتطويرها.
وعلى الرغم من ذلك، أوضح فخري أنه منذ الثورة الصناعية في أواخر القرن التاسع عشر، أصبحت المنظومات الغذائية في العالم صناعية بشكل متزايد، ما يجعل المزارعين يعتمدون على المدخلات الزراعية الباهظة الثمن التي يحصلون عليها من الشركات الكيماويات الزراعية.
وأوضح الخبير أنّ منظومات البذور كسلعة تتمحور حول تكاثر أنواع متجانسة من البذور، التي تعتمد بشكل كبير على مدخلات المزارِع الكيميائية من خلال قانون العقود وإطار الملكية. ففي العام 1991، بدأت الدول الأوروبية في تعزيز إطار الملكية الخاص بها بدعم من الاتفاقية الدولية لحماية الأصناف النباتية الجديدة واتفاق منظمة التجارة العالمية المتعلق بالجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية، الذي دخل حيز التنفيذ بعد مرور ثلاث سنوات.
وشدد فخري على أن التحدي الذي يواجه الدول التي تحمي حق المزارعين في الحفاظ على بذورهم ومعارفهم الزراعية التقليدية والسيطرة عليها وحمايتها وتطويرها هو أن التزاماتها بموجب المشهد القانوني الدولي والوطني الحالي، إلى جانب نوعين من منظومات البذور، يولّدان التزاماتٍ يُحتمل أن تكون متناقضة، وخطرَ انتهاك حقوق الإنسان للفلاحين والمجتمعات الأصلية.
فقال: "لسوء الحظ، يشعر المزيد من البلدان، لا سيما في قارة أفريقيا، بالضغوط إما لسن قوانين تسمح بمنح براءة للبذور، إما للتوقيع على الاتفاقية الدولية لحماية الأصناف النباتية الجديدة، إما لإصلاح قوانينها الوطنية بطريقة تتوافق مع الاتفاقية. يجب وضع حدٍّ لهذه الضغوط."
واقترح الخبير في تقريره إطار عمل للنهوض بحقوق المزارعين والشعوب الأصلية والعمال عبر استخدام المعاهدة الدولية بشأن الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة وقانون حقوق الإنسان. ويشمل ذلك: الاعتراف بحق المزارعين والشعوب الأصلية في البذور، وحماية المعارف التقليدية للمزارعين والشعوب الأصلية، والحق في حفظ واستخدام وتبادل وبيع البذور المحفوظة في المزرعة، والحق في المشاركة العادلة في تقاسم المنافع والحق في المشاركة في صنع القرار.
وختم فخري قائلاً: "إذا حميتم منظومات البذور الخاصة بكم من خلال الإعمال الكامل لحقوق المزارعين والعمال، ومن خلال تأطير الجوانب كافة بالحق في الحياة، تحلّ البركات على أراضيكم خلال الأوقات العنيفة هذه."