Skip to main content

الأعمال التجارية وحقوق الإنسان: اعتماد "مزيج ذكي من التدابير والإجراءات"

06 كانون الاول/ديسمبر 2024

يجمع منتدى الأمم المتحدة المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان بين الحكومات وقطاع الأعمال والمجتمع المدني وأصحاب المصلحة الآخرين لمناقشة الحلول المستدامة والشاملة.
© بابلو غاسكا

أعلن مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك قائلًا: "إنّ بناء اقتصادات قائمة على حقوق الإنسان أكثر إلحاحًا اليوم من أي وقت مضى. نحن بحاجة إلى قادة يدركون أنّ ترسيخ اقتصاداتنا ومشاريعنا التجارية في حقوق الإنسان يحوّل مجتمعاتنا إلى مجتمعات أكثر استقرارًا وسلامًا، وأكثر قابلية للتنبّؤ بها، وفي نهاية المطاف، أكثر ازدهارًا."

وقد أطلق تورك بيانه هذا خلال جلسة افتتاح منتدى الأمم المتحدة الـ13 المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان. وجمع المنتدى بين الحكومات وقطاع الأعمال والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والنقابات والأوساط الأكاديمية والمجتمعات المحلية، بهدف مناقشة الممارسات التجارية واحترام حقوق الإنسان.

ومنذ العام 2011، وفرت المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان إطارًا مقبولاً عالميًا لتعزيز المعايير والممارسات في ما يتعلق بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان. كما دعت الدول إلى اعتماد "مزيج ذكي" من الإجراءات الطوعية والإلزامية لتعزيز احترام الأعمال التجارية حقوق الإنسان.

وأكّد تورك أنّ العقد الماضي شهد تقدّمًا ملحوظًا في هذا المجال، حيث اعتمدت الدول وشركات الأعمال بعض التدابير المناسبة وفي محلّها.

إلّا أنّه حذّر من أنّ انتهاكات حقوق الإنسان ذات الصلة بالأعمال التجارية، لا تزال متفشية في بعض أنحاء العالم. وأكّد أنّ صناعة الوقود الأحفوري وأثرها على التنوع البيولوجي، واستخراج المواد الخام في البلدان التي تشهد نزاعات، والممارسات الزراعية التي تطرد الشعوب الأصلية بالقوة من أراضيها، وتكنولوجيات المراقبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، تؤدي إلى تعميق أوجه عدم المساواة والظلم.

فقال: "إن النهج الطوعية لا تكفي منفردةً"، مضيفًا أن الحكومات وشركات الأعمال والمجتمع المدني بحاجة إلى التعاون الوثيق لإيجاد حلول مستدامة ومنصفة وعادلة.

وتابع قائلًا: "تشير أدلة متزايدة إلى أن مزيجًا ذكيًا من السياسات والتدابير التنظيمية المتماسكة، الوطنية والدولية والإلزامية والطوعية، يشكّل وسيلة فعالة تعتمدها الدول من أجل توفير الوضوح للأعمال التجارية، وتحقيق تكافؤ الفرص، وضمان نتائج أفضل للأشخاص المتضررين من العمليات التجارية في نهاية المطاف."

مشاركة قياسية

شكّل الاجتماع الذي امتدّ على ثلاثة أيام، فرصة فريدة سمحت للمشاركين البالغ عددهم 4,000 مشارك أتوا من 156 دولة، بمناقشة مواضيع منها تغير المناخ، والتكنولوجيات الجديدة، وحقوق الشعوب الأصلية، وحماية الأشخاص ذوي الإعاقة، والوصول إلى سبل الانتصاف في انتهاكات الحقوق المتعلقة بالأعمال التجارية، وبذل العناية الواجبة لمراعاة حقوق الإنسان، على سبل المثال لا الحصر. وقد شارك حضوريًا عدد قياسي من المشاركين، بلغ 3,000 مشارك تقريبًا.

وأكّدت رئيسة فريق الأمم المتّحدة العامل المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان فرناندا هوبنهايم، أنّه على الدول التزامات باحترام حقوق الإنسان في سياق الأنشطة التجارية، تفرضها السياسات العامة التي تمنح الأولوية للناس والكوكب." لكنها أشارت إلى أنّ القطاع الخاص يؤدّي دورًا أساسيًا في السياق العالمي الحالي، الذي تجتاحه توترات جيوسياسية وأزمة المناخ.

فقالت خلال جلسة الافتتاح: "نحن بحاجة إلى مبادرات من القطاع الخاص، بما في ذلك المستثمرون، بغية تحسين ممارساتنا وتسريع التغيير."

في هذه الأوقات العصيبة، يتطلّع العالم إلى قطاع الأعمال كي يقوم بدوره الحاسم اليوم أكثر من أي وقت مضى.

فولكر تورك، مفوض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان

أمّا الرئيسة التنفيذية للاتفاق العالمي للأمم المتحدة ساندا أوجيامبو، فقد أوضحت من جهتها أنّه منذ اعتماد المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة، برز قبول عالمي بأن الشركات تتحمل مسؤولية احترام حقوق الإنسان. وأعطت أمثلة على الشركات في آسيا التي تستخدم تكنولوجيا الأقمار الصناعية لرصد إزالة الغابات عند استخراج المواد الخام أو الشركات الزراعية في أفريقيا التي تعمل على بناء الثقة مع العمال وأفراد المجتمع.

وبموجب المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة، تتحمل الشركات مسؤولية بذل العناية الواجبة لمراعاة حقوق الإنسان. وسلّطت أوجيامبو الضوء على الزخم المتزايد في جميع أنحاء العالم، لمطالبة الشركات ببذل العناية الواجبة الإلزامية لمراعاة حقوق الإنسان والبيئة، ودعت إلى تحسين الاتساق في هذا الصدد.

فقالت: "فيما تعزز بعض المناطق بذل العناية الواجبة الإلزامية وحماية حقوق الإنسان، تتخلف مناطق أخرى عن الركب، ما يولّد خليطًا من المعايير وسياقات العمل."

وترى رئيسة قسم العناية الواجبة في مركز السلوك المسؤول للأعمال التجارية التابع لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي هانا كويب-أندريو، أن التعاون بين الدول أمر أساسي.

فقالت: "إن سلاسل التوريد عالمية، لذا فإن اعتماد تدابير إلزامية وطوعية مجدية يتطلب تعاونًا دوليًا."

سلاسل القيمة العالمية

من دول الجنوب، أكّدت وزيرة حقوق الإنسان في جمهورية الكونغو الديمقراطية شانتال شامبو موافيتا، أنّ مسؤولية الشركات وحقوق الإنسان أصبحت اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى، لأن سلاسل القيمة العالمية غدت مترابطة ويتجاوز أثرها الحدود الوطنية.

وأشارت إلى حالة بلدها الغني بالموارد الطبيعية، لكنه يعاني من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان تتعلق باستغلال المعادن الثمينة.

فقالت: "لا بد من إيجاد حلول عملية لتنظيم الممارسات التجارية وضمان احترام حقوق الإنسان في جميع مراحل إنتاج السلع والخدمات وتوزيعها واستهلاكها."

يمارس المجتمع المدني منذ سنوات كلّ ضغط ممكن من أجل فرض متطلبات أكثر صرامة في مجال حقوق الإنسان، على الشركات، لا سيّما على مستوى سلاسل التوريد العالمية. وخلال المنتدى، أطلق قادة الأعمال دعوات مشتركة من أجل اعتماد أطر سياسية صارمة تضمن احترام حقوق الإنسان.

وأكّدت المديرة الأولى للأثر والاستدامة في شركة كوتوباكسي الأميركية لبيع الملابس بالتجزئة، آني آغل قائلة: "تعج سلاسل التوريد لدينا بانتهاكات حقوق الإنسان، والتحسينات التي نشهدها ليست كافية. وعلينا أن نبذل المزيد من الجهود في هذا الصدد."

وأشارت الرئيسة العالمية المعنية بحقوق الإنسان في شركة يونيليفر راشيل كوبرن-والدن، وهي شركة متعددة الجنسيات للسلع الاستهلاكية، إلى أنّه على أي شركة تريد الاستمرار على المدى الطويل، أن تبقى مسؤولة اقتصاديًا وبيئيًا واجتماعيًا.

فقالت: "الطريقة الوحيدة التي تمكّنها من بلوغ غايتها بفعالية، هي أن تجعل من احترام حقوق الإنسان أساس كل ما تقوم به."

معارف الشعوب الأصلية

أشارت الشعوب الأصلية إلى أنّ مجتمعاتها قد تساهم بمعارفها، كي تسلّط الضوء على ممارسات الأعمال التي تحترم البيئة وحقوقها. فقد اعتبر منسق مجتمع بينيت موسوبيسيك في أوغندا ديفيد تشيموتاي، أنّ الوقت حان كي تتعهّد الدول وشركات الأعمال بالتزامات حقيقية وتتخذ الإجراءات اللازمة لوضع حدّ للانتهاكات وإنهاء الإفلات من العقاب.

فقال: "تُجبَر مجتمعات الشعوب الأصلية على الخروج من أراضيها من أجل التعدين والأعمال التجارية الزراعية ومشاريع الطاقة وما يسمى بحلول مشكلة تغيّر المناخ، مثل تجارة الكربون وإنتاج الوقود الحيوي، وحتى المناطق المحمية التي تسيطر عليها كيانات خاصة."

إنّ الدفاع عن حقوق الشعوب الأصلية هو دفاع عن مسار الإنسانية نحو الإنصاف والاستدامة والعدالة للجميع. نحن على أهبّ استعداد للمشاركة، لكن رسالتنا واضحة: لا يمكن تحقيق أيّ خطوة تخصّنا من دوننا.

الصفحة متوفرة باللغة: