هاكاثون يسخّر الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا لحماية الفئات الأكثر ضعفًا في أوقات الكوارث
16 أيّار/مايو 2025

في صميم معرض إكسبو 2025 في أوساكا باليابان، يتبلور نوع جديد من التحديات، وهو تحدٍ قد ينقذ الأرواح. فقد أطلقت مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان مسابقة Bytes&Rights Hackathon (هاكاثون البايتس والحقوق)، وهو تحدٍ عالمي يدعو الطلاب والمبرمجين والشركات الناشئة اليابانية إلى تسخير قوة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا لحماية حقوق الإنسان أثناء الكوارث الطبيعية والكوارث التي هي من صنع الإنسان.
ومن المقرّر أن ينطلق الهاكاثون في شهر حزيران/ يونيو من هذا العام بسلسلة من حلقات العمل، على أن يُتوَّج بسباق برمجة يستمر ثلاثة أيام ابتداءً من 1 أيلول/ سبتمبر الذي يصادف يوم الوقاية من الكوارث في اليابان. وسباق البرمجة هو فترة زمنية محددة يعمل خلالها كلّ الفريق لإنهاء مهام محددة وبناء جزء من منتج تقني، مثل البرمجيات أو نسخة مبكرة من تطبيق. ويتم الكشف عن الأفكار الفائزة في أوائل تشرين الأول/ أكتوبر وعرضها في أكسبو 2025 في أوساكا باليابان، قبيل اليوم العالمي للحد من مخاطر الكوارث في 13 تشرين الأول/ أكتوبر.
ويرتبط هذا الهاكاثون، الذي يقام بالشراكة مع جامعة الأمم المتحدة ومكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث وشركة Meta، بموضوع المعرض العالمي، ألا وهو "بناء مجتمع يصون حياتنا في المستقبل." وهو يشجع المشاركين على ابتكار حلول عملية تُستَدَم في المراحل المبكرة - مثل أدوات الإنذار المبكر، وتحديد المناطق المعرضة للخطر والأشخاص الموجودين فيها، وتحسين التواصل أثناء الأزمات، وتحليل البيانات المحلية - بغية المساهمة في عدم ترك أي مجتمع خلف الركب عند وقوع الكوارث.
وقد أعلنت نائبة مفوض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان ندى الناشف قائلة: "يجب أن يبقى الابتكار شاملاً، لا سيما عندما تكون الأرواح مهدّدة ومعرّضة للخطر. ويجسد هاكاثون Bytes&Rights التزامنا بضمان أن تخدم التكنولوجيا الجميع، لا سيما الفئات الأكثر ضعفًا في أوقات الأزمات."
والتحدي واضح للغاية، إذ تؤثر الكوارث على الجميع، لكنها غالبًا ما تصيب الفئات الأكثر ضعفًا - كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة والنساء والأطفال والمجتمعات المهاجرة. وأضافت الناشف أن هاكاثون Bytes&Rights يهدف إلى إيجاد حلول لا تترك أحدًا خلف الركب.
التكنولوجيا في خدمة الإنسانية
من الممكن أن تتراوح الأفكار الناتجة عن هذا الهاكاثون بين تطبيقات الإخلاء المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي ترسل تنبيهات تستند إلى الموقع بلغات متعددة، وأدوات المساعدة الصوتية لكبار السن، أو حتى أدوات رسم الخرائط الحرارية التي تساعد في تحديد المناطق المحرومة التي تحتاج إلى دعم عاجل بعد وقوع الكارثة.
وقد يتمثّل مشروع محتمل آخر في نظام يستخدم بيانات الأقمار الصناعية والتعلم الآلي لتحديد المجتمعات المعرضة للخطر - على ألا يأخذ في الحسبان الجغرافيا فحسب بل مؤشرات الضعف الاجتماعي أيضًا، ومنها مثلًا مستويات الفقر وحالة الإعاقة وتاريخ الهجرة.
ويشارك المشاركون في تحدٍّ يتمثّل في بناء حلول مفتوحة المصدر، ما يضمن الشفافية وإمكانية توسيع نطاق هذه الأدوات لاستخدامها في العالم الحقيقي.
الهاكاثون يرتكز على دروس عالمية
يستند الهاكاثون إلى إطار عمل سينداي للحد من مخاطر الكوارث، وهو اتفاق عالمي شكّلته الدروس المستفادة من الكوارث الماضية، مثل الزلزال الكبير الذي ضرب شرق اليابان في العام 2011.
"لقد تم إعداد إطار عمل سينداي للحد من مخاطر الكوارث من خلال التفكير في الدروس المستفادة من مختلف الكوارث الكبرى حول العالم، بما في ذلك الزلزال الكبير الذي ضرب شرق اليابان في العام 2011. والمصطلحات الأساسية المستخدمة فيه هي القدرة على الصمود والشمولية،" على حدّ تعبير مديرة مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث في كوبي، يوكي ماتسوكا. وقد تابعت قائلًا: "يجب أن تساهم التكنولوجيا والابتكار في بناء قدرة مجتمعنا على الصمود في وجه الكوارث، حتى لا يتخلف أحد عن الركب."
إن القدرة على الصمود والحقوق مترابطان، ونشجع المبتكرين على ضمان أن يرسّخوا الناس وحقوقهم في صميم الحلول التي يتوصّلون إليها.
أمّا مديرة المشاركة الخارجية والشراكة في مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان أستريد فان غيندرين ستورت، فأوضحت من جهتها قائلة: "تتمتع التكنولوجيا بإمكانيات هائلة لتحويل الطريقة التي نحمي بها حقوق الإنسان أثناء الكوارث، لكن ذلك ليس ممكنًا إلا إذا تم تصميمها بطريقة تراعي الإدماج في جوهرها."
منصّة للتغيير
بدعم من جامعة الأمم المتحدة وشركاء مثل Meta، يقدم الهاكاثون أكثر من مجرد جوائز مالية. فقد يتيح للفائزين فرصة مواصلة تطوير حلولهم بتوجيه من الخبراء، كما يسلّط الضوء على عملهم وربما يساهم في تنفيذ ابتكارهم على أرض الواقع.
وسيتمكن المشاركون من الوصول إلى أدوات عملاقة، بما في ذلك مجموعات البيانات ونماذج الذكاء الاصطناعي التي توفرها مبادرة "الذكاء الاصطناعي والبيانات من أجل الخير" التي أطلقتها شركة Meta. وأكّدت مديرة برنامج "الذكاء الاصطناعي والبيانات من أجل الخير" في شركة Meta، لورا ماكغورمان قائلة: "من خلال الجمع بين العقول اللامعة من اليابان والعالم وربطها بأفضل ما تقدمه شركة Meta من ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر ومجموعات بيانات مجهولة المصدر، يمكننا أن ننهض بجدول أعمال حقوق الإنسان وأن نستجيب معًا للكوارث."
دعوة إلى العمل
إنّ هاكاثون Bytes&Rights، الذي ينسق أعماله مركز الابتكار والتحليل التابع لمفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، مفتوح للطلاب والشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا والمنظمات غير الحكومية والمبرمجين أصحاب المهارات في مجال علوم البيانات وحقوق الإنسان وإدارة الكوارث.
وأكّد مدير مركز الابتكار والتحليل التابع لمفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان أنور محفوظ قائلًا: "حقوق الإنسان بحاجة إلى الابتكار، تمامًا كما الابتكار بحاجة إلى حقوق الإنسان. أمّا هذا التحدي فيوفّر كلا الجانبَيْن."
إنّ باب التسجيل مفتوح حتى 30 حزيران/ يونيو 2025، ويتطلب ذلك السعي إلى ابتكار تكنولوجيا تحمي الفئات الأكثر ضعفًا عندما تشتدّ الحاجة إليها في أصعب الحالات.
وختمت الناشف قائلة: "من خلال إدماج مبادئ حقوق الإنسان في استراتيجيات الحد من مخاطر الكوارث، يمكننا بناء مجتمعات أكثر قدرة على الصمود وأكثر إنصافًا."